المجتمعات المعرفية المعاصرة تتميز بمرونة عالية

كتابة: أسماء صلاح آخر تحديث: 14 فبراير 2023 , 10:42

المجتمعات المعرفية المعاصرة تتميز بمرونة عالية

ترجع المرونة العالية في المجتمعات المعرفية إلى سرعة استجابتها للمتغيرات المجتمعية عن طريق استمرارية أفراده في التعلم التكنولوجي والمعرفي دون توقف وذلك من أجل التقدم البشري ككل، فهو مجتمع يخلق وينتج ويشارك.

عرفت منظمة اليونسكو العالمية (UNESCO) المجتمعات المعرفية المعاصرة على أنها مجتمعات قادرة على تحديد وتعريف ومعالجة كافة المعلومات، ومن ثم نقلها ونشرها إلى العالم كله وذلك من أجل التقدم والتطور البشري.

وتُمنح المجتمعات المعرفية السلطة الخاصة بالرؤية المجتمعية والتي تتضمن عدد من الامتيازيات مثل التعدد والدمج والتضامن والمشاركة، كما تحتاج إلى الاستمرارية فى التعلم على المستوي الفردي والجماعي، وذلك لضمان استمرارية المعرفة والتحصيل. [1][2]

ماهي المجتمعات المعرفية المعاصرة

هي مجتمعات جديدة نشأت نتيجة التغيرات المجتمعية المعاصرة الناتجة عن الابتكار التكنولوجي والتطور الفردي للجماعات البشرية من خلال التعلم المستمر و المشاركة بين أفراد المجتمع الواحد.

وتعددت التعريفات الخاصة بالمجتمع المعرفي المعاصر فيمكن تعريفه على أنه:

  • مجتمع جديد تكون نتيجة التغيرات المجتمعية المعاصرة الناتجة عن الإبتكار التكنولجي، وتطور العقلية البشرية المعرفية، وذلك من خلال النمو الشخصي للأفراد عن طريق المشاركة المستمرة للتجارب والابتكارات.
  • مجتمع يضع نقل المصادر المعرفية الخاصة به بين الأجيال في مقدمة أولوياته الشخصية، فهو مجتمع لايتوقف عن نشر التطور المعرفي به على جيل بعينه وإنما يتوارث المصادر المعرفية من جيل لآخر.
  • هو مجتمع يخلق وينتج ويشارك المعرفة بين جميع أفراد المجتمع الواحد وذلك لضمان تحسن الوضع البشري.
  • مجتمع تتدفق به المعلومات بسلالة ويسر، من خلال التطور المستمر لأنظمة معالجة البيانات والاتصالات.
  • مجتمع يُفرق بين المعلومات المجردة والمعرفة، فالمعلومات هى حجر الأساس المعرفي، بينما تشمل المعرفة تحصيل المعلومات وتطبيقها أيضا، فهي مفهوم ضمني لما يوجد بالعقل البشري والتي يمكن ترجمتها إلى الكثير من الأمور الملموسة.
  • المجتمع المعرفي مفهوم أوسع لمجتمع المعلومات، ففيه يشارك الجميع كمعلمين للأجيال القادمة.
  • صورة تعكس المجتمع المعرفي السابق له، فهو امتداد للنجاح الحادث في المجتمعات السابقة له معرفيًا، وما يتبعها من تطور صناعي واقتصادي.
  •  مجتمع يجعل كلًا من التقدم العلمي والتكنولوجي محرك رئيسي للتقدم المجتمعي والاقتصادي، حيث يستخدم المعرفة للوصول إلى المراحل التطورية الجديدة.
  • مجتمع بشري تأتي سعادة ورخاء الأفراد به من خلال استخدام المعرفة لخلق أمور جديدة تضمن لهم التطور والتغيير. [2]

مميزات المجتمعات المعرفية المُعاصرة

  • التحصيل المعرفي.
  • التطبيق المعرفي.
  • التدفق المعرفي.
  • التقدير المعرفي.
  • التطور المستمر.

وتتميز المجتمعات المعرفية المعاصرة بعدد من المميزات الخاصة بها مثل:

التحصيل والتطبيق المعرفي: يعتمد التطبيق المعرفي بالمجتمعات المعاصرة على قدرة أفراده على معالجة البيانات من أجل تحصيل المعلومات ومن ثم تحويلها بالخبرة العملية إلى تطبيق معرفي يمكن تداوله بين أفراد المجتمع الواحد.

فهو مجتمع يؤمن بمدى تأثير المشاركة المعرفية الفردية والجماعية على تغيير المجتمع بشكلٍ عام والتغير الفردي بشكل خاص، وتوضح الصورة التالية كيف تتحول المعلومات إلى حصيلة معرفية

الفرق بين البيانات والمعلومات والمعرفة والمجتمعات المعرفية المعاصرة
الفرق بين البيانات والمعلومات والمعرفة والمجتمعات المعرفية المعاصرة

التدفق المعرفي: تتصمن المجتمعات المعاصرة مفهوم أوسع لمجتمع المعلومات، ففيه يشارك الجميع كمعلمين للأجيال القادمة، وتتدفق به المعلومات من جيل لآخر عبر التطور التكنولوجي الحادث من خلال ظهور أجهزة الكومبيوتر وأنظمة معالجة البيانات والاتصالات.

التقدير المعرفي: المجتمع المعرفي المعاصر مجتمع يقدر المعرفـة، فالمعرفة بالنسبة إليه كنز لا ينضب أبدًا يغترف منه كيفما شاء، فهي المحرك الأساسي للتطور الاقتصادي والمجتمعي وحجر الأساس الخاص بهما.

التطور المستمر:  يعتبر التطور نتيجة محتومة لاستمراية أفراد المجتع المعرفي في تحصيل وتطبيق المعرفة ومن ثم نشرها بين أفراد المجتمع الواحد والأجيال القادمة.

ويتضمن التطور المستمر قدرة أفراد المجتمع المعاصر على التطور المستمر من خلال الإستمرار المعرفي بالعلوم والتكنولجيا، وذلك لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. [2]

المجتمعات المعرفية المعاصرة تخضع بشكل كامل ومستمر للتطور المعرفي الذي يشمل الإستمرار فى اكتساب المعرفة وادارتها بشكل صحيح، وهو مايستلزم فهم جيد للمعرفة بعينها.

ماهي المعرفة

تعددت مفاهيم المعرفة على مر العصور الفكرية والفلسفية، ولكنها في النهاية تشتمل على تغيرات فسيولوجية تحدث نتيجة الإدراك والتعلم والتفكير بشكل عام، فلا يوجد تعريف واضح وصريح للمعرفة، ولكن تأتي الحقيقة ملازمة للمعرفة.

المعرفة أمر فطري، فمنذ بدء الخليقة تسعى البشرية باصرار على معرفة المزيد، عن طريق تبادل الخبرات بالحديث أو القراءة أو التجربة، كما يتضمن الاكتساب المعرفي مشاهدة الفيديوهات وغيرها من التصرفات اليومية في عصرنا الحالي.

وتُعتبر المعرفة تراكيب تنظيمية للمعلومات المُكتسبة بشكل يومي، وتعكس المعرفة كل سمة من السمات الُخزنة بشكل دقيق وحصري، وينتج عن التطور المعرفي للفرد والجماعات تطورًا ملحوظًا بالعلوم والتكنولوجيا، وتتمثل المعرفة في عدد من المفاهيم مثل:

  • الفهم الفردي وتصوراته عن الحياة المادية والاجتماعية والثقافية.
  • التكوين الأخير للمعلومات المرتبطة معًا بشكل خاص وفريد. [3]

مراحل التطور المعرفي

  • تحصيل المعلومات بشكل مترابط لكوين الإدراك المعرفي.
  • تراكم المعرفة.
  • التطور المعرفي.

المعرفة مصدر قوة تتميز بها المنظمات المعرفية من أجل التطور الاقتصادي والاجتماعي الخاص بهم، ويمر التطور المعرفي بعدد من الخطوات منها:

تحصيل المعلومات: وبه يبدأ العقل البشري باستقبال المعلومات من شتى الطرق التعليمية أو الحياتية، من الجيران والأقارب والمعلمين، وكذلك التجارب الشخصية الفريدة أو المكررة.

والمصدر الأساسي والأول للمعرفة هو العلوم بصورته الخالصة، حيث تقوم العلوم على دمج المعلومات المتعلقة بشتى العلوم الطبيعية و غيرها من العلوم عن طريق التفكير المنهجي المنطقي، مما يخلق تراكمات علمية متعددة واجبة التنظيم، والتي تؤدي تباعًا إلى تكون تخصصات مختلفة وعلاقات متعددة بين العلم الواحد وغيره من العلوم.

التراكم المعرفي: يحدث التراكم المعرفي عند زيادة المحصلة المعرفية بشكل أساسي، يشبه التراكم المعرفي فح الببان المُغلقة، فكم ترغب بشدة في معرفة مايخفيه هذا الباب المُغلق، وإذ به الباب ينفتح ليُعلن عن بابٍ آخر تستهل به ويشغل بالك لمعرفة المزيد.

وتزداد المحصلة المعرفية تباعًا لزيادة المُحصلة التكنولوجية للجماعات والأفراد،

التطور لمعرفي: يمكن أن يتوقف التحصيل العلمي عند حد معين إذا ماتم تطويره، ويحدث تطورًا للمحصلة المعرفية مدفوعًا برغبة شديدة بسد الحاجة الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية للتنمية الصناعية، مثل التطور التكنولوجي الحادث بالتليفونات الذكية المحمولة بشكل يومي وذلك لتوفير تجربة فريدة لحامله. [3]

ويتضمن الحصول المعرفي للإنسان على عدد من المصادر مثل التعليم أو التواصل أو الخبرة تنقسم المعرفة إلى 3 أنواع وفقًا للمصدر المعرفي:

  •  الظاهرية (Explicit Knowledge).
  •  الضمنية ( Implicit knowledge).
  • الكامنة (Tacit knowledge). [5][4]

المعرفة الظاهرية في المجتمعات المعرفية

تٌعرف المعرفة الظاهرية بـ (Explicit Knowledge)، ويُعد المصدر المعرفي للمعرفة الظاهرية هو اكتساب المعلومات في المؤسسات التعليمة وفقًا لنهج إلزامي مثل المدارس والجامعات ويُشرف على هذا النهج عدد من الأساتذة والمُعلمين.

تُجيب المعرفة الظاهرية عن سؤال ” ماذا تعرف عن ؟”، حيث تشتمل على معلومات صريحة وواضحة، لتُعرف فيما بعد بعدد من الأسماء الأخرى مثل المعرفة الصريحة (Explicit Knowledge) أو المعرفة المُصنفة (Explicit Knowledge).

وتحتوي المعرفة الصريحة على عدد من القواعد المعرفية يمكن تداولها بشكل بسيط عن طريق الكتابة، حيث تكون الحصيلة المعرفية في هذه المرحلة نظرية، نادرًا مايتم تطبيقها أو التأكد من منها عمليًا، فهي معرفة مكتسبة عن طريق التلقين.

على سبيل المثال، يمكن للشركات مشاركة المعرفة الصريحة الخاصة بطاقم العمل على صورة قاعدة بيانية قابلة للتداول وذلك لمساعدة طاقم العمل الجديد على فهم سياسات العمل بالشركة.[5][4]

المعرفة الضمنية في المجتمعات المعرفية

تُعرف المعرفة الضمنية بـ ( Implicit knowledge)، ويُعد المصدر المعرفي للمعرفة الضمنية هو التطبيق والتجربة المستمرة، وتُجيب المعرفة الضمنية عن سؤال ” هل تعرف كيف ؟”، فهي المعرفة المُكتسبة نتيجة التطبيق للمعرفة الظاهرية المُكتسبة

وهي عملية دمج بين عملتي اكتساب المعلومات الحادثة في المعرفة الصريحة والتطبيق المتعلق بالمعرفة الضمنية، فعلى سبيل المثال، دراسة كتاب عن الشكل التركيبي للطائرة وطريقة عمل الطائرة ف حالة القيادة يعتبر معرفة ظاهرية، فإن المعرفة الضمنية هي معرفة مايحدث عقب تطبيق هذه المعلومات.

وتظهر المعرفة الكامنة على شكل قدرات فردية تختلف من شخص لآخر، مما يجعلها صعبة التدول أو التدوين، فاكتساب المهارات لا يشتمل فقط على الإحاطة بالمعلومات الكاملة عن الشئ عينه، وإنما يتضمن عملية التطبيق بشكل ناجح ولو لمرة واحدة. [5][4]

المعرفة الكامنة في المجتمعات المعرفية

وتُعرف المعرفة الكامنة بـ (Tacit knowledge)، وهي المعرفة المكتسبة بشكل تلقائي والتي غالبًا ماتُفهم دون أن تُقال مما يجعل تفسيرها صعب، وهذه المعرفة تكون وليدة الثقافة المُحيطة بالفرد وخبراته السابقة، فهي نتاج طول الخبرة الزمنية مدموجة بالقدرة العالية على التطبيق، مما يحعلها صعبة التدوين في أغلب الوقت.

وقد تدمج المعرفة الكامنة أكثر من قاعدة بيانية مُخزنة داخل العقل البشري لانتاج شئ معرفي كامن واحد، وخير مثال على ذلك مندوب المبيعات، فيستطيع المُتعلم بسهولة الحصول على الأسس الخاصة بالتسويق المبيعي (المعرفة الظاهرية)، ويستطيع تطبيق خطواتها بسهولة (المعرفة الضمنية)، ولكن من الصعب تعليمه كيفية اختيار الوقت المناسب لبدء العملية التسويقية.

فقدرة مندوب المبيعات على تصيد الوقت المثالي لتقديم عرضه لا يقتصر فقط على طبيعة المعرفة الظاهرية أو الضمنية، وإنما يتم المزج بين عدد من المهارات  الشخصية مثل الخبرة، وقراءة الاشارات الاجتماعية والطبيعة الفردية لكل مستمع وذلك لتشكيل هذا الجزء الفريد من المعرفة. [5][4]

نعم، تتكامل المعرفة الظاهرية والضمنية والكامنة في المجتمعات المعرفية وذلك لضمان الحصول على أعلى معدلات تطويرية إذا ماتم تطبيقهم ضمن مجتمع مؤمن بنشر المعرفة مع توفير إمكانيات التعلم.

حيث ينتج عن اتحاد كلًا من المعرفة الظاهرية والضمنية والكامنة ضمن وحدة عمل واحدة بشكل ناجح، على إدارة معرفية متكاملة، حيث يكمل كل جزء من الأنواع الثلاثة الآخر، حيث تُطبق الأنواع الثلاث من المعرفة خلال المؤسسة الواحدة على النحو التالي :

  •  كُتيب خاص بسياسات العمل بشكل واضح ومنظم، يمكن تداوله بين أفراد المؤسسة الواحدة وهو مايعبر عن المعرفة الظاهرية.
  • تطبيق عملي لسياسات العمل الموضوعة وهو مايعبر عن المعرفة الضمنية.
  • مهارات فردية تنتج عن المزج بين الخبرة الشخصية والتطبيق والمعرفة الصريحة، وهو مايعبر عن المعرفة الكامنة.

وفيما يلي صورة تبسيطية توضح تكامل أنواع المعرفة الموضحة في هذا المقال [5][4]

الفرق بين المعرفة الظاهرة والضمنية والكامنة في المجتمعات المعرفية
الفرق بين المعرفة الظاهرة والضمنية والكامنة في المجتمعات المعرفية
إشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
رد خطي
الإطلاع على كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى