الحلول للحد من ظاهرة العصبية القبلية

من الحلول للحد من ظاهرة العصبية القبلية ما يلي:
- الرجوع إلى الوحي.
- تذكر أن الله خلق الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل.
- محاسبة كل من يفعل هذا.
- التذكير بأهمية التعارف بين المسلمين.
العصبية القبلية من أكثر الأشياء التي كانت تسود مجتمع شبه الجزيرة العربية في الجاهلية وقبل نزول الإسلام، فكانت قبائل العرب في معارك مستمرة وتناحر دائم وحروب طاحنة لأسباب تافهة لو حدثت في زماننا هذا لا يلتفت إليها ولكنها كانت ذات قيمة بالنسبة للعرب، فكانت العصبية القبلية هي من تحكمهم وتوجههم دون النظر إلى أية معايير أخرى أو النظر للإنسان وأن الله كرمه ونزهه عن هذه الأشياء التافهة
كانت النعرة الجاهلية تسود في هذا الوقت ومن أشهر الخلافات التي صدقت على هذه الأشياء معركة البسوس والتي استمرت لأربعين عامًا لأسباب لا تذكر، كذلك الخلافات التي كانت موجودة في المدينة بين الأوس والخزرج والكثير من القصص الأخرى التي يستدل بها على النعرة الجاهلية التي كانت تسود المجتمع العربي في هذا الوقت إلى أن بُعث النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام فكان خير مخلص للعرب من هذه الحروب الطاحنة لأسباب دنيوية فقط كانت تقوم لنظرة مظلوم أو ظالم من نفس القبيلة.
نزل الإسلام بدعوة تدعوا الناس للتخلص من كل ما حملوا من بقايا الجاهلية والالتفات إلى دعوة الإسلام وما تدعوا إليه من شرائع، وكان من أهم أسس دعوة الإسلام توحيد الناس حتى يصبحوا أمة واحدة، فلا فرق بين العربي السيد أو العبد الحبشي في شيء إلا في تقوى الله والالتزام بما نزله في كتابه وما جاء به رسوله، فقال الله تعالى في القرآن للدعوة إلى اتحاد المسلمين: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.
بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وفي زمن الخلافة الأموية عادت العصبية القبلية بحذافيرها، وكذلك لو تأملت عصرنا فإنها قد تمارس ولكن بأشكال مختلفة، ومن الحلول التي يجب ان تؤخذ للحد من العصبية القبيلة:
الرجوع إلى الوحي: أو احترام المرجعية العليا وهو القرآن والسنة، الله ورسوله وعدم التقدم عليهم، في أن الإسلام من الأساس نزل حتى نكون أمة واحدة يجمعها الإسلام تحت ظلاله وشعائره والتخلص من أي شيء قد يودي بهذه الرابطة العميقة للغاية، ومنها العصبية القبلية التي من الممكن أن تودي بين جارين فما بالك باثنين لا ينتميان لبعضهما إلا بالإسلام، فالله خلقنا شعوبًا مختلفة وقبائل حتى نتعارف لا لنختلف.
الرجوع إلى الوحي وعدم التقدم عليه يعني أيضًا عدم التعصب لآراء أو لهوى بعيدًا عن القرآن والسنة أو خالف ما جاءوا به، فالتقدم على القرآن والسنة في الآراء والتصورات من العصبية القبلية الجاهلية، كما أنه من إساءة الأدب مع الله ورسوله، ومخالفة لنهج المؤمنين المتقين الذي أساسه طاعة الله ورسوله والتسليم لهما في كل شيء وأي شيء، فعند حدوث مشكلة لا يكون مرجعنا إلا القرآن والسنة أما اتباع الهوى والقبيلة وهذا أخي من الجاهلية التي نزل الإسلام لمحوها.
تذكر أن الله خلق الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل: من الحلول التي تقوم بالقضاء على العصبية القبلية أن نتذكر أن الله سبحانه وتعالى خلقنا شعوبًا وقبائل مختلفة في اللون واللغة والتقاليد، فمنا الأبيض والأسود ومنا الغني والفقير، دون أن يكون لأحد من الناس خيار في ذلك بل هي قسمة الله في عباده وأمره، ولم يكن لأحد من الناس أن يكون ذا نسب رفيع في تحصيل أعلى الشهادات، ومع ذلك فإن الله أعلى المسلمين بالإسلام ورفعهم لمكانة عالية تضاهي النسب والحسب، ولا فرق بين الناس عند الله إلا بالتقوى.
محاسبة كل من يفعل هذا: قبل أن تقوم بفعل أي شيء يدل على العصبية تجاه عائلتك أو شخص أخطأ من عائلتك في شخص آخر ومع ذلك تقف معه أن تتذكر أن الحساب عسير، سواء حساب الدنيا أو حساب الآخرة، فهناك أشياء يعاقب عليها القانون وهناك أشياء لا يحاسب عليها، وهذه الأخيرة حسابها عند الله عظيم.
التذكير بأهمية التعارف بين المسلمين: رغم اختلاف الناس في ألوانهم واللغة التي يتحدثون بها ومظاهرهم، والكثير من الأشياء التي تجعلهم مختلفين عن بعضهم، أن الله سبحانه وتعالى خلق الناس شعوبًا وقبائل لكي يتعارفوا فماذا لو كانوا مسلمين، فالمسلمون جميعهم أخوة، لا يجوز لأحد أن يظلم أخاه المسلم أو يحقره أو يقوم بأي فعل شين معه لأن هذا ليس من تمام الأخوة، حتى تكون أخًا لأخيك المسلم بشكل صحيح يجب أن تقوم بما يتوجب عليك فعله من تقوية العلاقة والحفاظ عليها.[1][2][3]
نهى الإسلام عن العصبية القبلية
العصبية التي كانت موجودة قبل الإسلام في قبائل العرب كانت غريبة وعجيبة، فالقصص المتناثرة حولها تشيب لها الولدان، والعصبية هذه تعني مناصرة أخوك أو ابن عمك أو من يهمك أمره في قبيلتك في الحق والباطل والظلم والعدل، وهذا وما جاء الإسلام لمحوه وإزالته، حيث نهى الإسلام عن التعصب لأي رابطة غير الرابطة التي تربط جميع المسلمين وهي رابطة الدين، فلا يجب التعصب لرابطة الدم لأجل رابطة الدم بل يجب التعصب للحق والعدل لأن التعصب لغير هذا من الجاهلية.
مقام الأخوة في الإسلام عظيم حيث هناك الكثير من الأحاديث والآيات التي حثت على هذه العلاقة، ومن القصص التي تجسد كل الآيات والأحاديث في السيرة النبوية هي قصة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، فحل مقام الأخوة في الإسلام محل الأخوة بالدم أو النسب، فالله سبحانه وتعالى ألف بين المسلمين المهاجرين منهم والأنصار فقال الله تعالى في سورة الأنفال: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}. [2]
العصبية القبلية من أبرز أسباب قوة الدولة الأموية وازدهارها
كان بين بني أمية وبني هاشم عداوات في الجاهلية قبل الإسلام، وعندما تولى الأمويون الخلافة عادت العصبية كما كانت في الجاهلية، ومنذ توليهم الخلافة وهناك نزاع دائم بينهم فيمن أحق بالخلافة بنو هاشم أم بنو أمية، وتكاتفت بنو أمية حتى يعلوا بدولتهم حيث كانوا يفخرون دائمًا بالدهاء والحلم وكثرة الخطباء والشعراء.
كان بنو هاشم يردون عليهم أيضًا، وانتشرت النزاعات بينهم في كل أنحاء الدولة باختلاف القبائل فكل قبيلة تحيزت لما تنتمي له، ولكن استطاع بنو أمية أن يستمروا بدولتهم بسبب تكاتفهم رغم النزاعات المنتشرة حتى استطاع العباسيون الاستيلاء على الملك حينما تفككت بني أمية وأصبح كل منهم يريد مصلحته الشخصية، وتعصب بنو العباس أيضًا حتى استطاعوا الاستيلاء على الملك وإعلان دولتهم.
انتشر الشعر في الدولة الأموية وهذا إن دل على شيء فيدل على الازدهار والنمو، وإذا نظرنا للشعراء في بني أمية، وجدنا أن العصبية القبلية كانت واضحة جلية في أشعارهم، فالشعراء انحازوا إلى قبائل وأخذوا يشيدون بذكر قبائلهم ويهجون الآخرين مثل الشعراء في الجاهلية ومن أمثلة هؤلاء الشعراء جرير والفرزدق والأخطل وهم من أشهر الشعراء الذين كتبوا في شعر الهجاء، ورغم هذه الجاهلية، لم تقتصر مظاهر الجاهلية على العصبية القبلية فقط بل تعدتها للكثير من الأمور والنزاعات الأخرى.[4]