ما هي المدائح النبوية المباحة

كتابة: Dina Ahmed آخر تحديث: 16 ديسمبر 2022 , 11:44

 من المدائح النبوية المباحة 

القصائد الخالية من الشرك والغلو والأنغام .

المدح بصفة عامة في الإسلام من الأشياء المباحة ولكن لها شروط وأهمها أن لا يعود المدح بالفتنة على الممدوح وأن يُصيبه الغرور والتكبر، أما فيما يخص النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر مختلف، وذلك لأن لا يعقل أن يُصاب بالتكبر والغرور صلى الله عليه وسلم، ولكن الأمر هنا أن الناس هم من يفتنون، ونرى ذلك في حلقات المدح التي يعقدونها جزء من الناس والذي يُطلق عليهم الصوفيين، يقوم الصوفيين بالتجمع وجلب الطبل والزمامير ويعقدون جلسة مدح ممتلئة بالغناء والأناشيد الدينية التي تمدح النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يعتبر من البدع لأنه لم يُثبت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه رضوان الله عليهم، فكان لمدح الرسول الكريم أسس، وقد قام الصحابة بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الشعر، وقد كان هناك شعراء لقبوا بشعراء النبي مثل كعب بن مالك، عبدالله بن رواحة وحسان بن ثابت والذي كان أشدهم.

فعن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، اهجوا قريشًا، فإنه أشد عليها من رشق بالنبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال، اهجهم فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان، قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال، والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يلخص لك نسبي، فأتاه حسان، ثم رجع فقال، يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنَّك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقالت أمنا عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان، إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله )، وقالت أيضًا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، (هجاهم حسان فشفى واشتفى)، فقال:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ، وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ، هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيف

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي، لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ 

ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا، تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ 

يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ، عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ 

تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ، تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ 

فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا، وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ 

وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ، يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ

وَقَالَ اللهُ: قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا، يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ 

وَقَالَ اللهُ: قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا، هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ 

لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ، سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ 

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُم، وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ 

وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا، وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ.

كما قال بعض الشعراء أيضًا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:

لُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ

اليَوْمَ نَضْرِبكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ

وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ.

وقال عبدالله بن رواحة عن حسن النبي صلى الله عليه وسلم:

يُثَبِّتُ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ

تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا

أَنْتَ رَسُولٌ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ

وَالْوَجْه مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ. [1] [2]

وقد قال علي بن أبي طالب أيضًا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:

وَقَيتُ بِنَفسي خَيرَ مَن وَطِئَ الحَصى، وَمَن طافَ بِالبَيتِ العَتيقِ وَبِالحَجَرِ

مُحَمَّدُ لَمّا خافَ أَن يَمكُروا بِهِ، فَوَقّاهُ رَبّي ذو الجَلالِ مِنَ المَكرِ

وَبِتُّ أُراعيهِم مَتى يَنشُرونَني، وَقَد وَطَّنتُ نَفسي عَلى القَتلِ وَالأَسرِ

وَباتَ رَسولُ اللَهِ في الغارِ آمِناً، هُناكَ وَفي حِفظِ الإِلَهِ وَفي سِترِ

أَقامَ ثَلاثاً ثُمَّ زَمَّت قَلائِصُ، قَلائِصُ يَفرينَ الحَصى أَينَما يَفري

أَرَدتُ بِهِ نَصرَ الإِلَهِ تَبَتُّلاً، وَأَضمَرتُهُ حَتّى أَوَسَّدَ في قَبري. [3]

حكم المدائح النبوية

جائز ولكن بدون مخالفات شرعية .

انتشرت المدائح النبوية الدينية كثيرًا في عصرنا والجديد أن الأمر أصبح مختلط به الموسيقى وذلك ما يفسد العمل، فبظن البعض أنه لا بأس من إدخال بعض الألحان الموسيقية إلى قصائدة بما أنها قصائد مد دينية تمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن في الأمر خلاف كبير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِر أي الفرج المحرم والحرير والخمر والمعازف )، رواه البخاري في صحيحه، وهنا الألحان والموسيقى تشمل جميع الأشكال حتى لو كانت مدائح نبوية.

وبصفة عامة حكم المدائح النبوية المحتوية على أغاني ومعازف ما بين الإباحة والحرمانية قد اختلف فيها الفقهاء على ثلاث أقوال وهما:

  • الأول عند الحنفية والحنابلة وهو التحريم المطلق.
  • الثاني الكراهة وهو ما ذهب إليه جمهور الشافعية.
  • الثالث الإباحة وهو ما ذهب إليه جمهور المالكية وبعض من جمهور الحنفية والحنابلة.

فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال، مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعهما فإنها أيام عيد)،  متفق عليه، والإباحة هنا تأتي في الأغاني الخالية من الألفاظ البذيئة كقول وليس بالعزف، ولكن يُقصد بالمزمار هنا علو الصوت والدف الذي أباحه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك مستحب قديمًا في إعلان النكاح، فعن 

عائشة رضي الله عنها قالت: (وقد زفت امرأة من الأنصار، يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو ” رواه البخاري وأحمد، وفي بعض رواياته: ” فهل بعثتم معها جارية تضرب الدف وتغني… ” وذكر لها ما تغني به من الشعر المباح.

ولكن نقل الموفق ابن قدامة في المغني حرمة اتخاذ الغناء حرفة، وأن من استكثر منه فهو إما فاسق، وإما ساقط المروءة، ترد شهادته، وعلى كل حال فإن تركه أولى وأحفظ لدين المرء ووقته.

أما المدائح النبوية فإذا كانت صحيحة المعنى ليس فيها شرك ولا غلو ونحوه، فهي جائزة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مُدح في وجهه من حسان بن ثابت وعمه العباس وكعب بن زهير وغيرهم من شعرائه ولم ينكر، بل استحسن ذلك.

وقد جوز الفقهاء سائر أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حد الغناء، كما ذكر ابن قدامة في المغني 14/162 والغالب في المدائح النبوية اليوم أنها لا تخلو من شرك بالله كالاستغاثة بالنبي، أو التوسل غير المشروع به صلى الله عليه وسلم، أو غلو في مدحه، وقد نهى عن ذلك بقوله: ” لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ” أخرجه البخاري عن عمر.

وقد لا تخلو من الآلات المحرمة كالطبول وآلات الموسيقى، أو يقصد بالسلوك عليها إحداث طريقة تضاهي الطرق الشرعية، وهي بهذا الاعتبار بدعة، ” وكل بدعة ضلالة ” كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي.

والله أعلم. [4]

إشترك
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
رد خطي
الإطلاع على كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى